السبت، 15 نوفمبر 2008

المؤتمر من كتاب (( سأخون وطني ))


بدون مناسبة تخيلت نفسي ناطقاً باسم الدول العربية , أتحدث إلى مندوبي الإذاعة والتلفزيون ومراسلي الصحف ووكالات الانباء الاجانب عن اهم شؤون الساعة , ونحن نحتسي القهوة العربية الأصيلة في قاعة المؤتمرات الصحفية في الامم المتحدة.
مراسل انكليزي : ما هو سبب اصراركم على تقديم القهوة المرة دون سواها في جميع المؤتمرات والمناسبات؟
حتى نظل نتذكر الواقع المرير الذي تعيشه أمتنا.
يتحدثون في الغرب كثيراً هذه الأيام عن تطورات مريبة في المنطقة , ما تعقيبكم على ذلك ؟
ليتحدثو بما يشاؤون. الشعوب في هذه البلاد معروفة بكثرة الكلام .
وأنتم ؟
بالافعال طبعاً.
مراسل امريكي : ولكن هناك مؤشرات تؤكد تراجعكم عن بعض المواقف.
مستحيل , لأننا لم نتقدم أصلاً حتى نتراجع.
هل هناك ما يثبت ذلك؟
طبعاً , فمواقفنا السياسية واضحة وصريحة ونعبر عنها باستمرار في صحفنا. وهذه نمازج منها . تفضلو ووزعوها على بعضكم. لا تجفلو , معكم حق هناك مشكلة اللغة , فنحن العرب لا نفهمها فكيف أنتم؟
مراسل فرنسي: الصحافة في الغرب تجاري السرعة والتطور , فهي تقدم اوسع المعلومات في أقل عدد ممكن من السطور ولذلك بمجرد أن يتصفحها يلم بكل ما يجري بالعالم , ثم يرميها حيث هو في الباص أو الميترو وينصرف الى عمله.
من هذه الناحية نحن أرقى منكم . فالقارئ العربي يرمي الجريدة دون أن يقرأها.
مراسل سويدي : هل المعارضة مشروعة في الوطن العربي؟
طبعاً.
مراسل البرافدا : ولكن القوى الديموقراطية محرومة من ابداء أي رأي.
اسكت أنت , في بلادكم حتى الطرقات كلها باتجاه واحد.
المراسل السويدي : ولكن كم الافواه في المنطقة ظاهرة معروفة لدى الجميع. هراء . إن حرية التعبير والكلام والمعتقد مضمونة لجميع فئات الشعب , و يستطيع أي مواطن عربي في اي بلد عربي... أن يدخل على أي مسؤول ويقول ما يشاء , ولكن متى يخرج فهذه مسألة أخرى.
وعن ظروف المعتقلين وحالتهم الصحية والنفسية ؟
مراسل البرافندا : دعونا من هذا الموضوع.
بل سنبقى فيه, إذ ليس عندنا ما نخجل منه , ثم نحن كما هو معروف عنا لا نخجل من شيئ. فبالنسبة لظروف المعتقلين , فكل ما يقال هو افتراض ونسج خيال , لأنه إذا كان أهلهم وأبائهم وأمهاتهم لا يعرفون عنهم شيئاً منذ لحظة اعتقالهم , فكيف يمكن للغرباء أن يعرفوا عنهم كل هذه المعلومات ؟
مراسل امريكي : لنعد إلى موضوع الساعة . إن الاعلام العربي لا يزال يصر على ان اسرائيل لم تحقق أهدافها من غزو لبنان.
طبعاً.
وما هي اهدافها كما تعتقدون؟
إننا لا نعرف أهدافنا , فكيف نعرف اهداف غيرنا.
مراسل أندونيسي : كنتم لسنوات خلت ناشطين جداً على الساحة الدولية , ومتحمسين جداً لمؤتمر جنيف , مؤتمر البندقية, مؤتمر الاشتراكية الدولية, للحوار العربي _ الأوروبي, للحياد الإيجابي وعدم الانحياز. ثم فتر نشاطكم ونعدم حماسكم. لماذا ؟ هل يئستم من العالم؟
لا العالم يأس منا.
مراسل إيطالي : هل معنى ذلك أن قراراتكم الآن تصنعونها بمعزل عن جميع الظروف والتيارات الأخرى في العالم؟
ليس الآن . بل دائماً , قراراتنا وطنية , لكن قطع الغيار من الخارج.
مراسل ألماني : في هذا الزمن الذي هو زمن التحولات والتغيرات الكبرى , في السياسة والفكر والعلم والاقتصاد , نلاحظ أن جميع توجهاتكم ومنطلقاتكم مازالت كما هي, ولم يتغير أي شيئ جذرياً في الوطن العربي.
ألا يكفي أن خريطته تتغير كل يوم.
مراسل هولندي: ما هو موقف الدول العربية من الثورة الايرانية؟
نحن لا نتدخل في شؤون الآخرين .
إذاً , من وراء حرب لبنان , وحرب الخليج , والصحراء الكبرى وغيرها؟
الأصايع الأجنبية في المنطقة.
والأصابع العربية ماذا تفعل الآن في المنطقة ؟
تعرف البيانو .
مراسل رياضي : تولون الرياضة في بلادكم اهتماماً خاصاً , وتنفقون الملايين على الملاعب والمباريات , وتأهيل اللاعبين , ومع ذلك فقلما فاز فريق عربي بجائزة تذكر. لماذا؟
أنا شخصياً , لم أكن متحمساً في يوم من الايام لهذا الاهتمام الزائد بالرياضة وخاصة كرة القدم. لأن العربي بطبعه لا يحب اللعب الا بالقضايا الكبرى.
مراسل صيني : إلى أين وصلت خطواتكم لتحقيق الوحدة العربية ؟
يكفينا الآن التضامن.
ولكن ما يجري الآن على الساحة العربية يوحي بعكس ذلك. فلبنان يعمل على جبهة , ودول الرفض تعمل على جبهة , والدول المعتدلة على جبهة , والمقاومة على عدة جبهات . ما معنى ذلك؟
معناه استقلالية الرأي وديموقراطية التوجه . ثم المهم المحصلة النهائية لهذه الجهود وأين ستصب؟
مراسل لبناني : والله لن تصب إلا في نهر الليطاني.
ولكنه سيعود . نهر الليطاني سيعود , ونهر الأردن , ونهر النيل نفسه سيعود. إلى الاحتلال؟
بل إلى الارض العربية والمصير العربي.
مراسل هندي : إذاً لا تستبعدون مصر من العودة ؟
طبعاً لا . ولكن صورة كامب ديفد لا تغيب عن ذهن واحد في هذه المرحلة.
هل من كلمة توجهونها للنظام المصري بهذه المناسبة؟
أرجو المعذرة , فالعلاقات مقطوعة بيننا كما تعرفون , والظروف دقيقة جداً. مراسل فني : إذا كانت الكلمة تسبب احراجاً , فما رأيك باهدائه أغنية باسم الدول العربية؟
إذا كان لا بد من ذلك , فانني اهديه في هذه المرحلة أغنية فيروز " تعا ولا تجي" .
الجميع : معنى ذلك أنك متفائل بالمستقبل ؟
كل التفائل .
وسعيد بالعمل العربي الحالي على الساحة العربية؟
كل السعادة ز ثم أنا في الاصل اسمي سعيد , وأبي مسعود وأمي سعدى وأختي سعدية . وان جاءني ولد فسأسميه " سعدان "
محمد الماغوط

هناك تعليق واحد:

ربيع الأحزان يقول...

فى ختام المؤتمر الصحفي الناجح جدا

أود أن أشكرك كل من ساهموا فيه

وجزيل الشكر على الإجابات الصريحه والوافيه والشافيه ...
ولكل من قدمو قهوة مره لتذكرنا بواقعنا المرير...

وشكرا لك على هذا الجزء الرائع من ذلك الكتاب الأكثر من رائع

أسعدتنا وأصلا أنا أسمى .........